إعداد: محمد شهريزال بن ناصر
لكلّ شيء عناصر خاصة تجعله يسير على طريقة واضحة مميّزة، وكذلك في عملية تعليم اللغات وتعلّمها. فهناك عناصر خاصة لا بدّ من الاهتمام بها لتحقيق إنجاح تلك العملية. فهذه العناصر هي: بناء الفلسفة الخاصة، تحديد الأهداف، بناء المنهج، اختيار المواد أو تأليفها، تأهيل المعلّمين، معرفة احتياجات التلاميذ، اختيار طرق التدريس المناسبة، واختيار أساليب التقويم المناسبة. ومن الممكن أن نسمى هذه العناصر بالعناصر الثمانية في عملية تعليم اللغات وتعلّمها.
إنّ الفلسفة تكون في المرتبة الأولى من عناصر تعليم اللغات وتعلّمها وخاصة للناطقين بغيرها. وهذا دليل واضح على أهمية هذه الفلسفة. الفلسفة تعتبر الغاية النهائية لهذه العملية المهمّة. فكلّ العمليات والبرامج التعليمية تبنى أساسًا وفقًا لفلسفة رئيسية. ومن ثمّ فإنّ الخطوة التي تلي الفلسفة ووراء المنهج، يأتي بعدها مباشرةً تحديد الأهداف. وببساطة نقول، هذه الأهداف تجعل المسيرة إلى الفلسفة أكثر سهولةً ووضوحًا. ومن الأهداف الواضحة نستطيع أن نصمّم المنهج التعليميّ المناسب لأنّ هذا المنهج له صلة وطيدة بالأهداف. وقد عرّف ابن منظور "المنهج" بأنّه الطريق البيّن الواضح، والمِنهاج كالمنهج، كما قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿... لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً ... ﴾ سورة المائدة: الآية 48.
وبعد إتمام عملية بناء المنهج فعلينا أن نركّز على اختيار المواد أو تأليفها. ففي هذه النقطة علينا أن نهتمّ باختيار أنسب المواد التعليمية حيث ينبغي أن توافق هذه المواد للمنهج وتسير عليه كما حدّدناه من قبل. والمهمّ إنّ أجود المواد وأنسبها هي التي تراعي احتياجات التلاميذ ومشكلاتهم، والمعارف والمهارات التي يحتاجون إليها في حياتهم وأعمالهم. وذلك تتمّ عملية اختيار المواد التعليمية التي تساعد على تحقيق متطلّبات التلاميذ، ومن ثمّ ينبغي ألا تخالف الفلسفة التعليمية الرئيسية كما وضّحناها سابقًا.
وفضلاً عن ذلك فإنّ المعلّم له دور كبير في إنجاح عملية تعليم اللغات وتعلّمها للناطقين بغيرها. والمعلّم هو مستشار أو موجّه مخلص يقوم بنقل معرفته للآخرين بناءً على خبرته العملية الخاصة. فلذلك على المعلّم أن يكون مؤهّلاً في مجاله التعليميّ بالإضافة إلى معرفته بالمعلومات الزائدة التي لها علاقة غير مباشرة بوظيفة التدريس. فهناك تأهيلات ثلاثة مهمّة للمعلّم وهي: التأهيل المعرفيّ، التأهيل اللغويّ، والتأهيل المهنيّ. وبالإضافة إلى ذلك يقوم المعلّم بواجباته متّصفًا بصفات محمودة كالصبر والإخلاص والأمانة والحماسة وغيرها، وذلك لأنّه يُعَدّ بمثابة القدوة الحسنة لتلاميذه الأحباء. إذًا إنّ الصّفات الشخصيّة للمعلّم لها تأثير كبير في تكوين أخلاق التلاميذ وسلوكهم.
والحقيقة إنّ عملية تعليم اللغات للناطقين بغيرها تعدّ من أهمّ أنواع طرائق التدريس. ومن المعروف أنّ هذه العملية هي نظام يتكوّن من مجموعة الأنشطة التي يقوم بها المعلّم أو المدرّس لمساعدة التلاميذ على تحقيق أهدافهم التربوية. ومن العناصر المهمّة الأخرى في هذه العملية هي اختيار طرق التدريس المناسبة طبقًا لاحتياجات التلاميذ والأهداف التربوية المحدّدة. ففي عصرنا المتقدّم هناك طرق التدريس المتعدّدة منها باستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة كالحاسوب، والإنترنت أو ما يُعرف بالتعليم الإلكترونيّ، والفيديو وغيرها.
أمّا العنصر الأخير لموضوعنا هو اختيار أساليب التقويم المناسبة. فالتقويم هو الإجراءات التي تهدف إلى تحديد مدى تقدّم معرفة التلاميذ وفهمهم للمادة العلمية التي درسوها، وكذلك من أجل تحقق مستوى الجودة في أدائهم وفق معايير محدّدة. وبجانب ذلك من خلاله يمكن تحديد مستويات التلاميذ المختلفة في ضوء الفلسفة المحددة والأهداف التربوية المنشودة.
والخلاصة يمكن القول بأنّ كلّ هذه العناصر الثمانية مهمّة وضرورية في إنجاح عملية تعليم اللغات وتعلّمها للناطقين بغيرها. وأمّا بالنّسبة إلى تطبيق هذه العناصر فعلى كلّ فرد وجهّة ومؤسّسة تعليمية أن تبذل أفضل الجهود مع التعاون التّام بين الجهات المسؤولة لإنجاح هذه العملية التعليمية الكبرى من أجل جيلنا المستقبل.
والله أسأل أن يتقبّل هذه الكتابة المتواضعة التي لم أرد حين أنشأته غير وجهه الكريم. لعلّ بقراءة هذه الكتابة أن ينـتجّ منها منافع وفوائد لنا خاصاً ولمن يقرأه من معلّمي اللغة العربية وآدابها على وجهٍ عامٍ. وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفّقنا لصالحي عباده ويجعلنا من العلماء العاملين الذين ينتفع بهم الناس جميعاً.
No comments:
Post a Comment